يوافق اليوم الذكرى العشرين لاستشهاد المهندس الرابع لكتائب القسام مهند الطاهر، العقل المدبر للعشرات من العمليات الاستشهادية، وصاحب الرد السريع على اغتيال عدد من قادة القسام، وفق ما جاء في تقرير نشرته حركة "حماس" على موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس.
وفي التفاصل، كان القائد المهندس صاحب بصمات جلية في سلسلة عمليات أوجعت العدو، بداية من عمليات سوق "محنيه يهودا" عام 1997، حتى عملية الاستشهادي محمد الغول بالقدس التي أدت إلى مقتل 19 صهيونيا.
حياة المقاوم
ولد المهندس الرابع لكتائب القسام مهند الطاهر في الخامس من فبراير عام 1976، في حي كروم عاشور بمدينة نابلس، لأسرة ربته على موائد القرآن، وفي رحاب المساجد.
التحق بصفوف حركة حماس خلال انتفاضة الحجارة، ثم التحق بصفوف كتائب القسام عام 1996م، عندما انضم إلى خلية الأسير المجاهد عمار الزبن، ونفذ معها العديد من العمليات الجريئة، مثل زرع العبوات الناسفة وعمليات إطلاق النار، ونصب الكمائن.
شارك في التخطيط للعديد من العمليات الاستشهادية مع ثلة من القادة البارزين كالشهيد القائد محمود أبو هنود، والشهيد القائد يوسف السركجي.
نظرا لتميزه منقطع النظير في العمل العسكري واحترافه تصنيع المتفجرات استحق الشهيد الطاهر لقب "المهندس الرابع"، وذاع صيته بعد استشهاد المهندس الثالث أيمن حلاوة.
برع المهندس الطاهر في صناعة الأحزمة الناسفة والمواد المتفجرة، وأوكلت إليه مسؤولية قيادة كتائب القسام بمدينة نابلس.
مشواره الجهادي
باكورة العمليات الاستشهادية للقائد المهندس الطاهر كانت في مدينة القدس المحتلة، في سوق "محنيه يهودا" عام 1997، التي قتل فيها 11 صهيونياً، وأصيب 150 آخرين.
أشرف الطاهر على أكبر عملية استشهادية في "فندق بارك" التي نفذها الاستشهادي عبد الباسط عودة وأدت إلى قتْل أكثر من 30 صهيونيا وإصابة مئة آخرين.
كما كان وراء التخطيط لعملية مطعم "سبارو" التي نفذها الاستشهادي عز الدين المصري والتي أدت إلى قتْل أكثر من 20 صهيونيا وإصابة العشرات.
أخذ على عاتقه مسؤولية الانتقام لدماء القادة الشهداء، فكان العقل المدبر لعمليات الرد على اغتيال القائد محمود أبو الهنود، وكذلك عمليات الثأر لاغتيال القائد يوسف السركجي، والمهندس الثالث أيمن حلاوة، كما شكّل خلية "شهداء من أجل الأسرى" التي حاولت تنفيذ عمليات أسر لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال.
كانت آخر بصماته قبل استشهاده، عملية "جيلو" بالقدس التي نفذها رفيقه في كلية الشريعة بجامعة النجاح، الشهيد محمد هزاع الغول.
الاعتقال والمطاردة
تعرض عام 1998م للاعتقال على يد أجهزة السلطة الأمنية، بتهمة التخطيط لعمليات، واقتاده جهاز الوقائي إلى سجن أريحا، وأخضعه لتحقيق قاس جاوز السبعين يوما، نُقل بعدها بعدة أشهر إلى سجن جنيد في مدينة نابلس.
أمضى القائد الطاهر قرابة ثلاث سنوات في الاعتقال، أضرب فيها عن الطعام 3 مرات وصلت إحداها إلى 37 يوما احتج فيها على ظروف اعتقاله القاسية، حتى أفرجت السلطة عنه خلال انتفاضة الأقصى.
لم يوهن الاعتقال في عزيمة القائد الطاهر، فمع بدايات الحرية عاد ليكمل مشواره الجهادي، فكان أقوى شكيمة وأصلب عودا مع بداية انتفاضة الأقصى، وبرز خلالها بصناعة العبوات والأحزمة الناسفة لتنفيذ العمليات الاستشهادية.
وصف العدو المهندس الطاهر بـ "آلة الموت"، وتعرض لفترة مطاردة طويلة، وفشل في الوصول إليه أو منع العمليات الاستشهادية ووقف الاستشهاديين إلى حين استشهاده.
نجا المهندس الرابع من عدة محاولات اغتيال، فقبل استشهاده بشهرين، نجا من محاولة اغتيال حين حوصر برفقة عدد من مجاهدي القسام في جبال قرية عصيرة، لكنهم تمكنوا من إفشال هذه المحاولة وانسحبوا من المكان بسلام.
قبل تلك المحاولة نجا مهنّد من حادثة اغتيال حتمية حين كان في منزل الشهيد يوسف السركجي، برفقة آخرين، لحظة قصف المنزل واستشهاد السركجي.
وفي محاولة اغتيال ثالثة، في مايو عام 2002م، حاصرت قوات الاحتلال الخاصة إحدى الشقق السكنية وسط مدينة نابلس وطالبت من بداخلها تسليم أنفسهم، إلا أنهم رفضوا التسليم وقادوا معركة شرسة مع القوات المحاصرة، قتلوا خلالها ثلاثة من ضباط الوحدات الخاصة وإصابة عدد آخر، فيما فشل العدو بعد أن انسحب الطاهر ورفيق دربه علي علان، واستشهد خلال الاشتباك مساعده علي الحضيري.
موعد مع الشهادة
وفي الثلاثين من يونيو عام 2002م، حاصرت قوة صهيونية خاصة منزلاً شرق نابلس كان يتحصن فيه المهندس مهند الطاهر برفقة مساعده عماد الدين دروزة، ورفضا أن يسلما نفيسهما، وخاضا معركة جهادية أدت إلى إصابة العديد من الجنود، ما دفع بالعدو إلى قصف المنزل بقذائف الدبابات وصواريخ الطائرات، ما أسفر عن استشهادهما.